دراسة دلیل الاجماع للخلافة

الخلاصة
السؤال الأساس الذی ترید هذه المقالة الإجابة علیها، هو "هل کانت خلافة أبی بکر بعد رسول الله (ص) أمرا إجماعیا کما یدعیه بعض اهل السنة و الجماعة أم کانت فلتة و إستبدادا علی أهل بیت رسول الله (ص) و تغییرا لما قضی الله تعالی من نصبهم علی هذا المقام و المنصب إلی یوم القیامة لهدایة البشر و صیانة القرآن و سنة الرسول الأکرم(ص)؟"
و فی مجال الرد علی هذا السؤال قدمنا هذه المقالة فی أربعة فصول:
بیننا فی الفصل الأول آراء العامة فی مسئلة الخلافة ؛ و ذکرنا الأدلة المثبتة لخلافة أبی بکر عندهم فی الفصل الثانی من ادعاء الإجماع و الآیات و الروایات و ذکرنا آراء الشیعة فی المسئلة بالإجمال فی الفصل الثالث و حاولنا الرد علی الأدلة المذکورة بتفصیل و تدقیق و و جدنا أنّ الخلافة لم تکن مشروعة و لم تکن الا غصب الإمامة التی جَعلها الله تعالی حقاً لِآل بیت الرسول (ص) و لا دلیل فی الإجماع الا زُخرف القول الذی لا أصل له و هناک ادلة تاریخیة کثیرة علی عدم الإجماع و الأدلة النقلیة و العقلیة الأخری التی ذکرها القوم باطلة بالتحقیق.

اهم الکلمات
الخلافة، الإمامة، الإجماع، اهل الحل و العقد، ولایة العهد.


المقدمة
الحمد لله الواحد الأحد الصمد الذی لا یضیع عمل المحسنین و جعل بئس مثویً للظالمین و صلّی الله علی سیدنا محمد و آله الطاهرین الذین فرض علینا طاعتهم و ولایتهم و مودتهم و اللعن علی اعدائهم و غاصبی میراثهم أجمعین من الآن الی قیام یوم الدین.
قال الله تعالی فی کتابه:«فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِینَ یَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَیَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِینَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبَابِ .» (الزمر/17-18).
و نسأل الله أن یتقبل منا هذا القلیل و ینظر الینا بنظر مودة و رحمة.
أمّا بعد؛ لقد أنهکت الفتن المتلاحة جسد الأمة الإسلامیة حین آثر البعض منافعهم علی منافع الدین و سببوا الإفتراق بین المسلمین بعد رسول الله و لا یزال هذا الإفتراق باقیا الی الیوم الذی نحن فیه. فلا یخفی علی أی مسلم أنّ أساس الخلاف بین الشیعة و السنة هو مسألة الخلافة بعد رسول الله (ص).
فالشیعة تعتقد بأنّ الخلافة منصب الهی جعله الله تعالی فی آل بیت رسول الله (ص) الی یوم القیامة بما أمرهم فی القرآن الکریم و کلّف رسوله (ص) علی إبلاغه الناس؛ لکن عقیدة العامة فیها، هی إنّ رسول الله الذی لم یدع المسلمین لحظة فی حیاته علی حالهم فی الحروب و الأفعال حتی کان یولّی علیهم قائدین واحدا بعد أخری فارق الدنیا و لم یستخلف أحدا .
بهذا عرفنا مدی أهمیة هذه المسألة التی بحلها یحل اهمّ مشاکل المسلمین و یسبب تقریبا عظیما بین المذاهب الإسلامیة فجَعلَنا هذا الأمر نفکّر فی طریقة لتبیین هذه الحقیقة و تحقیق فی طریق لحل هذه الأزمة.

الفصل الأول :رای اهل السنة فی مسئله الامامة والخلافة
نری الیوم أن بعض العامة لا یهتمون بمسألة الإمامة و الخلافة کثیرا و یعدونها من المسائل الفرعیة تبعا لمعظم علمائهم الماضین بین أن فریقا منهم قد اعتبروا الخلافه من المسائل الأساسیة فی الدین وفاقا للشیعة حیث یعدون الامامة من أهم المسائل فی أصول الشریعة الاسلامیة.
نرید أن نتطرق فی بدایة بحثنا الی عقیدة إخواتنا أهل السنة حول مسئلة اختیارالخلیفة و الشرائط المعتبرة فی اهل الاختیار و الامام من کتبهم المعتبرة فی الأحکام السیاسیة کالاحکام السلطانیة للماوردی و لابی یعلی و الکتب الکلامیة کشرح المقاصد فی علم الکلام للتفتازانی.
و إِ لیکم الآراء فی المسألة:
قد قال فیه ابویعلی: «نصبة الإمام واجبة وقد قال أحمد - فی روایة محمد بن عوف بن سفیان الحمصی -: الفتنة إذا لم تكن یقوم بأمر الناس. والوجه فیه: أن الصحابة لما اختلفوا فی السقیفة، فقالت الأنصار: منا أمیر ومنكم أمیر.» (ابویعلی1421: 19).
و قال الماوردی فی مبحث مفصل لا یحتمله هذا الموجز فنذکرها إجمالا :
«وَاخْتُلِفَ فِی وُجُوبِهَا هَلْ وَجَبَتْ بِالْعَقْلِ أَوْ بِالشَّرْعِ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: وُجِبَتْ بِالْعَقْلِ لِمَا فِی طِبَاعِ الْعُقَلَاءِ مِنْ التَّسْلِیمِ لِزَعِیمٍ یَمْنَعُهُمْ مِنْ التَّظَالُمِ، وَیَفْصِلُ بَیْنَهُمْ فِی التَّنَازُعِ وَالتَّخَاصُمِ، وَلَوْلَا الْوُلَاةُ لَكَانُوا فَوْضَى مُهْمَلِینَ....
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: بَلْ وُجِبَتْ بِالشَّرْعِ دُونَ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ یَقُومُ بِأُمُورٍ شَرْعِیَّةٍ قَدْ كَانَ مُجَوَّزًا فِی الْعَقْلِ أَنْ لَا یَرِدَ التَّعَبُّدُ بِهَا، فَلَمْ یَكُنِ الْعَقْلُ مُوجِبًا لَهَا، ...، وَلَكِنْ جَاءَ الشَّرْعُ بِتَفْوِیضِ الْأُمُورِ إلَى وَلِیِّهِ فِی الدِّینِ، قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ: «یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَأُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ» (النساء/ 59).
فَفَرَضَ عَلَیْنَا طَاعَةَ أُولِی الْأَمْرِ فِینَا، وَهُمُ الْأَئِمَّةُ الْمُتَأَمِّرُونَ عَلَیْنَا.» (الماوردی1432: 1/15).
وقال التفتازانی فی وجوبه:
«َلانزاع فِی أَن مبَاحث الْإِمَامَة بِعلم الْفُرُوع ألیق لرجوعها إِلَى أَن الْقیام بِالْإِمَامَةِ وَنصب الإِمَام الْمَوْصُوف بِالصِّفَاتِ الْمَخْصُوصَة من فروض الكفایات وَهِی أُمُور كُلیة تتَعَلَّق بهَا مصَالح دینیة أَو دنیویة لَا یَنْتَظِم الْأَمر إِلَّا بحصولها فیقصد الشَّارِع تَحْصِیلهَا فِی الْجُمْلَة من غیر أَن یقْصد حُصُولهَا من كل أحد وَلَا خَفَاء فِی أَن ذَلِك من الْأَحْكَام العملیة دون الاعتقادیة.» (التفتازانی 2:1401/271).
و کما ذکرنا لکم فیما سبق أن بعضهم یعتبرونها من المسائل الهامة فی أصول الدین:
منهم ابن عبد البر ومنهم القرطبی.

فی طریقة انتخاب الامام
نری هناک طرقاً متعددة فی آراء کبار أهل السنة والجماعة حول إختیار الإمام فذهب بعضهم الی أنّ الامامة لا تنعقد إلا برأی جمیع الامة وبعضهم بأغلبیتها وخصها بعضهم باختیار اهل الحل والعقد وقد ذکر بعضهم طرقا أخری سنبحث عنها فیما یأتی من الکلام إن شاءالله:
کان رأی أبی یعلی العالم الکبیر فی فقه السیاسة تنعقد الامامة بأوجه فی کتابه:
«وَالْإِمَامَةُ تَنْعَقِدُ مِنْ وَجْهَیْنِ. أَحَدُهُمَا: بِاخْتِیَارِ أَهْلِ الحل والعقد. وَالثَّانِی: بعهد الامام من قبل. فَأَمَّا انْعِقَادُهَا باختیار أهل الحل والعقد فلا تنعقد إلا بجمهور أهل الحل والعقد. قال أحمد فی روایة إسحاق بن إبراهیم: " الإمام الذی یجتمع [قول أهل الحل والعقد] علیه كلهم". یقول: هذا إمام. وظاهر هذا أنها تنعقد بجماعتهم. وروی عنه ما دل على أنها تثبت بالقهر والغلبة، ولا تفتقر إلى العقد. فقال فی روایة عبدوس بن مالك العطار " ومن غلب علیهم بالسیف حتى صار خلیفة وسمی أمیر المؤمنین فلا یحل لأحد یؤمن بالله والیوم الآخر أن یبیت ولا یراه إماماً، براً كان أو فاجراً.» (ابویعلی1:1421/19).
وظاهر کلامه یدل علی أنّ المعتبر من أهل الحل والعقد إتفاقهم وإجماعهم علیها وسیاتی الکلام عن اعتقاد بعضهم الاجماع بعون الله؛ و من الغریب أنا نری بعضهم یحتسبون کل بر و فاجر إماما و لو غلب علیهم بالسیف!!!
وقد ذکر الماوردی فی الأحکام السلطانیة و احمد الصاوی فی بلغة السالک مثله (الماوردی1:1432/21؛ الصاوی4:1432/220)؛ فنقتصر علی کلام أبی یعلی فی هذا المقال.

اما اختیار اهل الحل والعقد
و قد تکاثرت الآراء فی العدد المعتبر فی اهل الحل و العقد؛ حیث ذهب بعضهم کأبی یعلی إلی أنه لایفید شیئا الّا باجماعهم و اتفاقهم کما سبق و قال بعضهم ان الامامة تنعقد ولو برأی واحد من اهل الحل والعقد و ذکر لها أدلة فلیراجع الطالب الی محله (تفصیل المقال).
لکن قد استدل الماوردی فی عدم اعتبار الإجماع بشیء أثار الشراح للإجابة یلیق بالذکر:
«فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِجُمْهُورِ أَهْلِ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ... وَهَذَا مَذْهَبٌ مَدْفُوعٌ بِبَیْعَةِ أَبِی بَكْرٍ -1 - عَلَى الْخِلَافَةِ بِاخْتِیَارِ مَنْ حَضَرَهَا وَلَمْ یَنْتَظِرْ بِبَیْعَتِهِ قُدُومَ غَائِبٍ عَنْهَا.» (الماوردی1:1432/23).
فنری شارح الکتاب ثارت ثائرته بهذا الکلام فقال:
« قلت: وهذا كلام غریب وعجیب ینبغی الوقوف أمامه طویلًا؛ لبیان ما به من مخالفات لروح الشریعة الإسلامیة، فما یدَّعیه البعض من أنَّ الخلافة تنعقد بستة أو بخمسة، أو حتى بواحد، كلام لا یقبل شرعًا ولا عقلًا.» (المصدر السابق:هامش ص24).

الفصل الثانی: فی الأدلّة المثبة لخلافة أبی بکر وکونها شرعیة
بعد أن درسنا آراء العامة فی اصل مسالة الخلافة و کونها واجبة (سواء کانت رکنا للدین أو حکما فرعیا) و وجدنا أن منهم من یعتقد بانعقاد الخلافة بواحد و منهم من یقول إنّ انتخاب الخلیفة بغیر إجماع من المسلمین مخالف لروح الشریعة الإسلامیة؛ حان وقت أن نتکلم عن الأدلة التی یتمسک بها علماء القوم فی کون أبی بکر هو خلیفة رسول الله (ص).
فالأدلة تنحصر فی ثلاثة: العقلیة و النقلیة و الإجماع (الذی هو معقد بحثنا)؛ فبما أنّ هذا المقال تترکز علی الإجماع، لا نقف عند الدلیلین الآخرین طویلا.

الدلیل العقلی
یعتقد أهل السنة بأنّ النبی (ص) لم یستخلف احدا کإمام بعده یزعم امورالناس والدین وانما ترک الامر بعده للشوری بینهم فبما أنّ وجود الحکومة والامامة واجب عقلا کما اشرنا إلیه فی ادلّة وجوب الامامة فکان علی الامة أن ینتخبوا أصلح رجل جدیر بزعامة امورهم وامور الدین کما روی ابن عساکر فی حدیث عن النبی (ص) :
«من تقدم على قوم من المسلمین یرى أن فیهم من هو أفضل منه، فقد خان الله و رسوله و المسلمین. » (الباقلانی ،474:1404؛ ابن العساکر، 53:1415/256).
فنصبوا أبابکر لذلک لما أنهم قد رأوه أصلح شخص فی الامة الاسلامیة لذلک.

الادلة النقلیة:
أ)القرآن الکریم

اهم الآیات/آیة الغار:« إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِینَ كَفَرُوا ثَانِیَ اثْنَیْنِ إِذْ هُمَا فِی الْغَارِ إِذْ یَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِینَتَهُ عَلَیْهِ» (التوبه/40).
تستدل العامة بهذه الآیة الشریفة لفضیلة ابی بکر علی سائر الصحابة بما أنهم یعتبرونه ثانی اثنین والمصاحب والمرافق الذی لایسبق النبی(ص) ولا یتأخر عنه فهو أفضل خلیل له فیستحق الخلافة بعده (ص) .و قد تطرق المفسر الکبیر فخر الدین الرازی فی تفسیره الکبیر الی هذا المبحث بالتفصیل فبیّن وجه استدلال العامة بها علی أحقیة أبی بکر بوجوه مختلفة فلیراجع الیه الباحث (الرازی ،16:1420/50).و الجمیع یعرف أن کبار القوم یعدّون هذه الآیة من اکبر و أعظم فضائله کما أشار الیه ابن حجر العسقلانی (العسقلانی،1415: 4/148؛ الآلوسی،10:1415/100).وذکرنا فی المسالة آیات أخر، لا یمکننا المجیء بجمیعها لضیق هذا المجال.

ب)الروایات
أهم الروایات/صلاة أبی بکر بالناس: إنّ من اهمّ الأدلة التی یستدلّ بها أهل السنة علی خلافة ابی بکر هو نقل البخاری بأنّ الرسول (ص) قد أمر أبابکر فی یوم من أیام مرضه(ص) بأن یصلی بالناس:«فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَأُذِّنَ فَقَالَ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ» فَقِیلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِیفٌ إِذَا قَامَ فِی مَقَامِكَ لَمْ یَسْتَطِعْ أَنْ یُصَلِّیَ بِالنَّاسِ، وَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ، فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: «إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ یُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ» ، فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى فَوَجَدَ النَّبِیُّ (ص) مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ یُهَادَى بَیْنَ رَجُلَیْنِ، كَأَنِّی أَنْظُرُ رِجْلَیْهِ تَخُطَّانِ مِنَ الوَجَعِ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ یَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَیْهِ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَكَانَكَ، ثُمَّ أُتِیَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ، قِیلَ لِلْأَعْمَشِ: وَكَانَ النَّبِیُّ (ص) یُصَلِّی وَأَبُوبَكْرٍ یُصَلِّی بِصَلاَتِهِ، وَالنَّاسُ یُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أَبِی بَكْرٍ، فَقَالَ: بِرَأْسِهِ نَعَمْ» (البخاری،1:1422/133).فیقولون فی مقام الاحتجاج، لو کان هناک شخص جدیر لهذا المنصب سوی أبی بکر لجعله الرسول(ص) مکانه؛ فإنه ألیقهم لهذا المنصب، و اعتبر بعضهم هذا العمل نصا فی خلافته!!!

ج) الإجماع
کلنا نعرف أنّ الإجماع یعتبر من طرق استنباط الحکم الشرعی عند معظم فرق المسلمین بالإجمال؛ إلا أنّ الشیعة تعده طریقا لکشف رأی الشارع؛ و لا یتحقق هذا الأمر إلا بعد تحقق جمیع شروطه المذکورة فی الکتب الأصولیة عند مذهب الإمامیة، بین أنّ أهل السنة قد جعلوا للإجماع اعتبارا و حجیة فائقة علی وجه کأنه آیة من القرآن منزل من قبل الله تعالی!!
و نعرف أنّ أکثر المتأخرین من أهل السنة یعتقدون بانعقاد خلافة أبی بکر بالإجماع کما أشرنا الیه فی السابق (عندما نقلنا کلام شارح الأحکام السلطانیة) و لیس هذا رأیا حدیثا فإنا نری ذلک فی کلام القدماء منهم کثیرا کما بین ذلک ابن حجر المکی فی الصواعق: (الهیتمی،1:1417/39).
و قد ذکرنا فی الفصول السابقة مثله فلا نطیل الکلام هنا أکثر من ذلک.

الفصل الثالث: رأی الشیعة فی الإمامة بعد الرسول
الإمامة بین الإنتخاب و الإنتصاب

کما نعلم انّ الشیعة تعتقد بأنّ الخلافة أصل من أصول الدین ؛ و الذی یمیّز مذهب اهل البیت عن العامة هو الإختلاف فی مسئلة الإمامة فتعتقد الشیعة أنّها أمر بید الله سبحانه و لا یحق لأحد أن یتدخل فیها و إنما الأمام و الوصی ینتصب من قبل الله سبحانه کما یبعث الأنبیاء من عنده ؛ و تعتقد بأنّ الله تبارک و تعالی لم یترک المسلمین بعد الرسول علی حالهم بل قد أکمل الدین و جعل لحفظه الأئمة حراسا و حافظین.
کما قال الصدوق (ره):« أن نصب الإمام وإقامته واختیاره إلى الله عز وجل، وأن فضله منه» (الصدوق، 26:1418).
و قال الشیخ العلامة کاشف الغطاء :«أن الإمامة منصب إلهی كالنبوة، فكما أن الله سبحانه یختار من یشاء من عباده للنبوة والرسالة، ویؤیده بالمعجزة التی هی كنص من الله علیه [وربك یخلق ما یشاء ویختار ما كان لهم الخیرة] فكذلك یختار للإمامة من یشاء، ویأمر نبیه بالنص علیه، وأن ینصبه إماما للناس من بعده للقیام بالوظائف التی كان على النبی أن یقوم بها، سوى أن الإمام لا یوحى إلیه كالنبی وإنما یتلقى الأحكام منه مع تسدید إلهی. فالنبی مبلغ عن الله والإمام مبلغ عن النبی.» (کاشف الغطاء61:1413).نرید فی هذا الوجیز أن نذکر أدلتنل علی هذه المسئلة و نحاول أن نذکر الأدلة من کتب الجماعة بعون الله :کما قلنا أنّ العامة لا تعتبر الإمامة من المناصب الإلهیة کما یشیر الیه محمد رشید رضا:«أجمع سلف الأمة، وأهل السنة، وجمهور الطوائف الأخرى على أن نصب الإمام - أی تولیته على الأمة - واجب على المسلمین شرعاً لا عقلا فقط» (رشیدرضا، 1421: 1/18).و قد أشرنا إلی کلمات علمائهم حول ذلک فی الفصل الأول و قلنا أنّ منهم من یعتقد بکونها من أرکان الدین.

و الآن حان الوقت أن ندرس الأدلة بالتفصیل
الآیات الدالة علی کون الخلافة و الإمامة من المناصب الإلهیة
الآیة الأولی: « إِنِّی جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً » (بقره/124).
نقدر فی إثبات المدعی علی الإستدلال بها بوجهین:
الوجه الأول: إنّ المعلوم من الآیة هو أنّ الإمامة کان منصبا اعطاه الله ابراهیم بعد أن
إختبره و إبتلاه فیظهر أنّها بیده سبحانه یعطیه من یشاء من عباده و لیس لخیار الخلق فیها مدخلیة.
الوجه الثانی: إنّ الإمامة عهد الهی لا یعطی الّا المعصوم (کما قال سبحانه لا ینال عهدی الظالمین)و هذا الإدعاء یتوقف علی امرین:
1. أن یکون العهد المذکور فی الآیة الشریفة نفس «الإمامة»
فی إثبات هذا الأمر نراجع الی کلام بعض المفسرین فی تفسیر هذه الآیة:
فقال المفسر الکبیر فخر الدین الرازی فی تفسیر الآیة:
«أنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْهُ أَنَّهُ طَلَبَ الْإِمَامَةَ لِأَوْلَادِهِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا یَنالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْصِبَ الْإِمَامَةِ وَالرِّیَاسَةِ فِی الدِّینِ لَا یَصِلُ إِلَى الظَّالِمِینَ» (الرازی،4:1420،پ/31)
و هناک اقوال متعددة عن علمائهم مثلهما نقتصر علی ما ذکرناه لضیق المجال.
2. أن یکون العهد بید الله سبحانهفکما عرفنا أنها عهد الهی یؤتی من یشاء من عباده و أنها لایعطی الّا المعصوم و لا یعرفه الا الله سبحانه فیتبین أنّ هذا النصب باختیاره سبحانه فقط.

الآیات الأخری
فقد درسنا بعض هذه الآیات فی تفصیل مقالتنا فنعد الآیات هنا فقط فلیراجع الطالب الیها:
الآیة الثانیة: «یا داوُد إنَّا جَعَلنَاکَ خَلیفَةً فی الأرض» (ص/26)
الثالثة :«وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا» (الأنبیاء /73)
الرابعة:«وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِینَ» (القصص/5)

الروایات الدالة علی کون الإمامة منصبا الهیا
و من الأفضل أن نتطرق قلیلا الی بعض الروایات الدالة علی أنّ الخلافة بعد الرسول أمر الهیّ من کتب السنة :
الروایة من البخاری
و منها ما ذکره الإمام البخاری بأسناد ثلاثة فی الصحیح :« ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ قَالَ: قَدِمَ مُسَیْلِمَةُ الكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (ص)، فَجَعَلَ یَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِی مُحَمَّدٌ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ، وَقَدِمَهَا فِی بَشَرٍ كَثِیرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ (ص) وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَیْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَفِی یَدِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) قِطْعَةُ جَرِیدٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَیْلِمَةَ فِی أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «لَوْ سَأَلْتَنِی هَذِهِ القِطْعَةَ مَا أَعْطَیْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِیكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لیَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّی لَأَرَاكَ الَّذِی أُرِیتُ فِیكَ مَا رَأَیْتُ» (البخاری4:1422/203). فنری أنّ مسیلمة طلب الخلافة من الرسول فأجابه (ص) بأنّه أمر الله و لا یخفی علی ایّ عاقل أنّ أمر الله لیس بید الناس و هذا هو معنی کون الإمامة منصبا الهیا.
و هناک روایات أخری موجودة فی نص مقالتنا الأساسی

الفصل الرابع رد ادلة مشروعیة خلافة ابی بکر بن ابی قحافة
الکل یعرف أنّ الشیعة تعتقد بأنّ خلافة بن ابی قحافة لم تکن موافقا للشریعة الإسلامیة و إنّ انتخابه لمنصب الخلافة یُعدّ إستبدادا و لهذا علینا أن نرد علی الأدلة التی ذکرتها العامة لإثباتها.
أما الآیة الأولی:أی آیة الغار الشهیرة التی تعتبر أهم فضائله عندهم کما قلنا و الآن حان الوقت أن نتطرق إلی وجوه الإستدلال بالآیة الشریفة و الرد علیها:
إنّ الإستدلال علی آیة الغار یتکون من خمسة مقدمات :
أ . عدم هجرته قبل النبی (ص).
ب . إختیار النبی ابابکر لمصاحبته.
ت . کون أبی بکر "ثانی إثنین".
ث . بما أنّه صاحب الرسول (ص) فی الغار فإنّه افضل الصحابة.
ج . أن لا یکون حزن أبی بکر المشار الیه فی الآیة الشریفة "لا تحزن" لنفسه بل للإسلام و الرسول.
أمّا الأول :
فالکلام فیه کثیر لکن نقتصر هنا علی ذکر البحث و الرد علیه اجمالا.
کما نعرف أنّ العامّة تعتقد بأنّ ابابکر کان صاحب رسول الله فی الغار و هذا هو الدلیل علی کونه افضل الصحابة و أجدرهم لمنصب الخلافة:
و هذا یتوقف علی إثبات مصاحبته الرسول (ص) ؛ و المعروف عند کل عاقل و باحث أنّ هذا الأمر لیس بمدلول الآیة الشریفة فیجب علیهم أن یثبتوا الأمر من الروایات و التاریخ و قد وقعت هناک مشاکل فی إثباته من الأدلّة المذکورة نشیر الیها هنا بإجمال و لیراجع من أراد الی تفصیل المقالة
اولاً: هناک روایة فی البخاری عن عائشة أنها قالت لم ینزّل فینا شیء. من القرآن الا أن الله انزل عذری! (المصدر السابق6/133)
ثانیاً:هناک روایة فی نفس البخاری تحکی قصة صلاة حذیفة بالناس فی یثرب فی زمن هجرة الرسول(ص) (المصدر السابق:1/140) و روایة أخری فی البخاری تدل علی أن أبا بکر قد إئتَمّ به؛ (المصدر السابق9/71) فکیف کان مع النبی(ص) فی نفس الوقت فی الغار؟؟؟
و أما الثانی:اختیار النبی مصاحبته
هناک دلیل فی الآیة الشریفة من شأنه ان ینکر ذلک و یثبت أن النبی قد خرج بوحده: « اذْ أَخْرَجَهُ الَّذینَ كَفَرُوا...» فنری أنّ الضمیر مفرد«اخرج» کما أنّ الآیة فی الغار مصرحة فی التثنیة «اذ هما فی الغار» فإن کانت الهجرة مع ابی بکر من البدایة لکانت العبارة فی الآیة الشریفة هکذا: «اذ اخرجهما ».
و هناک روایات تشهد لذلک کما نقله ابن حنبل(ابن حنبل، 1421: 5/180) و قد صححه الحاکم و الذهبی فی التلخیص(النیسابوری،3:1411/143).
أما الثالث کون ابی بکر ثانی اثنین :
فادعاه جمیعهم کما نقلنا فی السابق عن فخر الدین الرازی»(الرازی16:1420/50).
انما یصح کلامه فیما اذا کان ثانی اثنین ابابکرا ولیس هناک مایدل علیه بل ما یخالفه من :
1. أنّ سیاق الآیة تدل علی هذا الامر وهو أن یکون الرسول (ص) ثانی اثنین ولیس شخص آخر کما قال الله تعالی:
«إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذینَ كَفَرُوا ثانِیَ اثْنَیْنِ إِذْ هُما فِی الْغارِ»
2. مطابقا لقواعد علم النحو أنّ ثانی اثنین حال لضمیر فی اخرجه و الجمیع متفقون علی أنّ الضمیر راجع الی الرسول (ص) کما یقول ابن تیمیه الحرانی:
قوله: (ثانی اثنین) حال من الضمیر المنصوب فی اذ أخرجه الذین كفروا (ابن تیمیة8:1406/472).
وإن کان المراد من ثانی اثنین ابابکر لا یعدّ هذا الامر فضیلة له لانها لیست سوی اخبار عن أنّ ابابکر کان معه (ص) ولا تشعر الآیة بمفادها أیّ فضیلة لابن ابی قحافه کما اشار الیه العلامة رشید رضا من المتاخرین (رشید رضا10:1990/369).
اماالرابع: فتوضح من هذه المقدمات أنّ مصحابته رسول الله (ص) لا یعتبر فضیلة له.
اما الخامس: یطرأ لنا سوال وهو ؛ ماهو دلیل الحزن و البکاء لابی بکر؟ هل هو لنفسه او یقلق للرسول(ص) وللدین؟
فنطلب الإجابة من البخاری:
" عن أبی بَكْرٍ رضی الله عنه قال قلت لِلنَّبِیِّ (ص) وأنا فی الْغَارِ لو أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَیْهِ لَأَبْصَرَنَا فقال ما ظَنُّكَ یا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَیْنِ الله ثَالِثُهُمَا" ((البخاری5:1422/4).

النتیجه
إنّ الآیة الشریفة لا تدل علی فضیلة لأبی بکر ابدا فضلا عن کونها دلیل للیاقته للخلافة کما ادعی قاطبة العامة .
اما الروایة المذکورة
صلاة ابی بکر بالناس
واما الاستدلال بالروایة علی خلافة وافضیلة ابی بکر بعد الرسول(ص) باطل لوجوه:
1. کما نقلوا :« و كان النبی صلی الله علیه و سلم یصلی و أبو بكر یصلی بصلاته و الناس یصلون بصلاة أبی بكر» هذا امر غریب للغایة کیف یصدق احد أن یصلی الامام والناس یأتمون بماموم آخر ؛ هل حدث هذا الامر طوال التاریخ فضلا عن زمن رسول الله (ص) ؟!!!
2. کما قال ابن تیمیه امام السلفیین الاستخلاف علی بعض الامة فی الحیاة لاتدل علی استخلافه لما بعد وفاته (ابن تیمیة7:1406/339).
3. بما أنّ النبی(ص) قد امر بمرات عدیدة رجالا من الصحابة أن یصلوا بالناس فیجب أن یکون کل منهم جدیرا للخلافة ولا احد من العامة یعتقد بهذا کسالم مولی ابی حذیفة فی مسجد قباء کما اشرنا الیه فی السابق:
«كان سالم مولی أبی حذیفة یؤم المهاجرین الأولین و أصحاب النبی (ص) فی مسجد قباء، فیهم أبو بكر و عمر و أبو سلمة و زید و عامر بن ربیعة.» (الطبرانی بی تا:20/457).

الإجماع
کما اشرنا إلی أنّ اهل السنة یعتقدون باجماع المسلمین علی خلافة ابی بکر ولکن کیف هذا و قد امتنع بعض الأشخاص عن مبایعته؟!!
1. المروی قطعا فی البخاری أن الأنصار خالفوهم جمیعا و خالف من المهاجرین علیّ و الزبیر و من معهما (البخاری8:1422/168).
کیف حال إجماع لیس فیه علیّ بن ابی طالب و الزبیر و...؟ فصدق من قال حقا:
«و لعنة الله علی كل إجماع یخرج عنه علی إبن أبی طالب و من بحضرته من الصحابة» (الآندلسی بی تا:8/398).
2. المتفق تاریخا بین الفریقین أنّ فاطمة الزهرا (س) لم تبایع ابابکر وهجرته حتی توفیت وعلی هذا ینحدق سوالان :
أ . هل الاجماع ثابت مع أنها لم تبایع ؟
ب . هل فاطمة الزهرا (س)مع أنها کانت سیدة نساء العالمین ومن الصحابة تشملها روایة من مات ولم یعرف إمام زمانه مات میتة جاهلیة؟!! (ابن حنبل 88:28:1421).
3. إنّ الماوردی وأبا یعلی لا یعتقدان بلزوم اجماع اهل الحل والعقد فضلا عن اجماع الامة کما أشرنا الیه فی السابق وقلنا أنّ الماوردی یعتقد أنّ ابابکر قد انعقدت خلافته بخمسة او اربعة.!!
فما هو الصحیح رأی العالمین الکبیرین المتقدمین او رأی الذین یعتقدون بالاجماع ؟
4. و من العلماء الذین انکروا الاجماع المفسر الکبیر القرطبی حیث قال أنّ خلافة ابی بکر لم تنعقد إلّا ببیعة عمر.!!
«لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَدَلِیلُنَا أَنَّ عُمَرَ (رض) عَقَدَ الْبَیْعَةَ لِأَبِی بَكْرٍ» (القرطبی1:1384/269).
5. و من المنکرین الامام محمد الغزالی حیث یقول لا یشترط فی الخلافة اجماع الامة :
« اعلموا أنّه لا یشترط فی عقد الإمامة ، الإجماع ، بل تنعقد الإمامة وإن لم تجمع الأمّة على عقدها ، والدلیل علیه أنّ الإمامة لمّا عقدت لأبی بكر ابتدر لإمضاء أحكام المسلمین ، ولم یتأن لانتشار الأخبار إلى من نأى من الصحابة فی الأقطار ، ولم ینكر منكر ... ، فالوجه الحكم بأنّ الإمامة تنعقد بعقد واحد من أهل الحلّ والعقد » (الغزالی بی تا،424).
6. ومن العجیب یستند اهل السنة بالاجماع الذی لم یعتبره امام الکلامیین عضدالدین الایجی فی کتابه المواقف :
« وإذا ثبت حصول الإمامة بالاختیار والبیعة ، فاعلم أنّ ذلك لا یفتقر إلى الإجماع ، إذ لم یقم علیه دلیل من العقل أو السمع ، بل الواحد والإثنان من أهل الحلّ والعقد كاف ، لعلمنا أنّ الصحابة مع صلابتهم فی الدین اكتفوا بذلك ، كعقد عمر لأبی بكر ، وعقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان. » (الایجی8:1417/351).
والامر المعجب فی کلامه أنه یزید :
« ولم یشترطوا اجتماع مَن فی المدینة فضلاً عن اجتماع الأمّة . هذا ولم ینكر علیه أحد ، وعلیه انطوت الأعصار إلى وقتنا هذا » (المصدر السابق).
وعلی هذا نجد أنّ فی الاجماع ارتیابات فلا یمکن الاستدلال بشئ مشکوک (بل غیر موجود قطعا) فضلا عن اثبات مشروعیة الخلافة بها وکما نستدل باحادیثهم أنه لیس بموجود فعلا.
وبهذا یظهر معنی کلام امیرالمومنین حینما یخاطب أبابکر بکلامه: «وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَیْنَا بِالْأَمْرِ» (البخاری5:1422/139).

النتیجة
فببحثنا هذا قد أنجزنا مهمة جمع الأدلة التی تستدل بها العامة لإثبات مشروعیة خلافة أبی بکر و قد رددنا علیها بتفصیل و استقصاء.
و قد قلنا بأنّ أهمّ الأدلة عندهم هو اجماع المسلمین علیها و رددنا علیه بوجوه مختلفة.
فحصلنا علی هذه النتیجة : إنّ الخلافة التی یحاول علماء العامة علی إثبات مشروعیتها دائما، لم یکن مشروعا عند العقل و الشرع و لم یکن سوی استبداد مرفوض بضغوط علی أمیر المؤمنین وصیّ و خلیفة رسول الله (ص) و علی الذین أرادو تلبیة ندا الله تبارک و تعالی.

المصادر و المآخذ
1. الآلوسی البغدادی، العلامه أبی الفضل شهاب الدین السید محمود، (1415)، روح المعانی فی تفسیر القرآن العظیم والسبع المثانی، بیروت: دار احیاء التراث العربی، ط 1، ج 10.
2. الأ نصاری القرطبی، ابوعبدالله محمّد بن أحمد بن عاصم النمری القرطبی، (1384)، الجامع لأحكام القرآن (تفسیر القرطبی) ، دار الکتب المصریه: القاهره، ط 2، ج 1.
3. الإیجی، عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار، أبو الفضل، عضد الدین (1417)، المواقف فی علم الكلام، دار الجیل: بیروت، ط 1، ج 8.
4. الباقلانی المالکی، محمّد بن الطیب بن محمّد بن جعفر بن القاسم القاضی أبو بکر، (1407)، تمهید الأوائل فی تلخیص الدلائل، مؤسسه الکتب الثقافیه: لبنان، ط 1.
5. البخاری الجعفی، محمّد بن إسماعیل ابوعبدالله، (1422)، صحیح البخاری، دار طوق النجاه، الیمامه: بیروت، ط 1، ج 3 -9.
6. البحرانی، مثیم بن علی بن میثم (1417)، النجاه فی القیامه فی تحقیق أمر الإمامه، مجمع الفکر الإسلامی، الاوّلی (طبقا لبرنامج مکتبه کلام النور لشرکه النور).
7. ابن حجر العسقلانی، أبو الفضل أحمد بن علی بن محمّد بن أحمد، (1415) الإصابه فی تمییز الصحابه، بیروت: دارالکتب العلمیه، ط 1، ج 1-8.
8. إبن عساکر، أبو القاسم علی بن الحسن بن هبه الله (1415)، تاریخ مدینة دمشق، بیروت: دارالفکر، ج 53. (وفقا للبرنامج المکتبه الشامله).
9. ابن منظور، جمال الدین محمّد بن مکرم، (1404)، لسان العرب، بیروت: دار الفکر، ط 3، ج 12- 9 (طبقا لبرنامج جامع الفقه لشرکه النور).
10. ابن عبد البر، أبو عمر یوسف بن عبدالله، (1412)، الاستیعاب، بیروت: دارالجیل، ط 1، ج 3.
11. ابن تیمیه الحرانی، أحمد عبد الحلیم ابوالعباس، (1406)، منهاج السنة النبویة، جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلامیة: الالطبعه: المملکه العربیه السعودیه، ط 1، ج 4-8.
12. التفتازانی، سعد الدین مسعود بن عمر بن عبدالله، (1401)، شرح المقاصد فی علم الكلام، باکستان: دار المعارف النعمانیه، ط 1، ج 2.
13. الجوهری، اسماعیل بن حماد، (1410)، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربیة، بیروت: دار العلم للملایین، ط 1، ج 5 و 4 (طبقا لبرنامج جامع الفقه لشرکه النور).
14. الحنبلی، ابن الجوزی جمال الدین، (1422)، زاد المسیر فی علم التقسیر، بیروت: دارالکتاب العربی، ط 1، ج 1.
15. الرازی، أبو عبدالله محمّد بن عمر، الملقب به فخر الدین خطیب الری، (1420)، مفاتیح الغیب التفسیر الكبیر، دار احیاء التراث العربی: بیروت، ط 3، ج 16- 26- 4.
16. الزَّبیدی، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسینی، أبو الفیض، الملقّب به مرتضی، (1414)، تاج العروس من جواهر القاموس، بیروت: دارالفکر، ط 1، ج 11 (طبقا لبرنامج جامع الفقه لشرکه النور).
17. الشریف المرتضی، علی بن الحسین، (1410)، الشافی فی الامامه، قم: مؤسسه إسماعیلیان، ط 2، ج 1 (طبقا لبرنامج مکتبه کلام النورلشرکه النور).
18. الشوکانی، محمّد بن علی بن محمّد، (بی تا)، فتح القدیر الجامع بین فنی الروایة والدرایة من علم التفسیر، بیروت: دارالفکر، ج 1 (نقلا عن موقع ولی عصر(عج)).
19. الشیبانی أبوعبدالله أحمد بن محمّد بن حنبل بن هلال بن أسد، (1421)، مسندالإمام أحمد بن حنبل، بیروت: موسسه الرساله، ط 1، ج 2- 4- 8- 5- 28.
20. الصاوی، أحمد، «بلغه السالك لأقرب المسالك»، بیروت: دار الکتب العلمیه، ج 4 (وفقا للبرنامج المکتبة الشاملة).
21. الصدوق، ابی جعفر محمّد بن علی بن الحسین بابویه القمی، (1418)، الهدایه فی الأصول والفروع، قم: مؤسسه الإمام الهادی، ط 1.
22. الطبرانی، سلیمان بن أحمد بن أیوب بن مطیر اللخمی الشامی، أبو القاسم، (بی تا)، المعجم الكبیر، القاهره: مکتبه ابن تیمیه، ط 2، ج 20.
23. الغزالی، الامام محمّد، (بی تا)، الارشاد فی الکلام، (نقلا عن موقع ولی العصر).
24. کاشف الغطاء، الشیخ محمّد الحسین، (1413)، أصل الشیعه وأصولها، بیروت: مؤسسه، ج 1.
25. قاسمی، محمّد جمال الدین، (بی تا)، محاسن التاویل، بیروت: دارالکتب العلمیه، ج 1 (نقلا عن موقع ولی عصر(عج)).
26. ألقاضی أبو یعلی، محمّد بن الحسین بن محمّد بن خلف ابن الفراء، (1421)، الأحكام السلطانیة، لبنان: دار الکتب العلمیه بیروت.
27. محمّد رشید بن علی رضا بن محمّد، (1990)، تفسیر المنار، مصر: الهیئه المصریه العامه، ج 10.
28. المظفر، العلامه محمّدرضا، (1431)، اصول الفقه، قم: بوستان کتاب.
29. النیسابوری، محمّد بن عبدالله ابوعبدالله الحاکم، (1411)، المستدرك علی الصحیحین، بیروت: دار الکتب العلمیه، ط 1، ج 3-2.
30. الهیتمی، أحمد بن محمّد بن علی بن حجر، (1417)، الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة، لبنان: مؤسسه الرساله، ط 1، ج 1.